ساحكي لكم عن اختبار:
حلمت اني كنت مرة اسير في الدغل. رايت شبحا. سعيت وراءه.
“ابتعد” جاءني الصوت، كان صوت امراة. واستطردت:
“اذهب بعيدا. الا ترى انني اريد ان اكون وحيدة؟”
“لكنك بحاجة الى مساعدة”.
قالت الشبح:
اذا كان لا يزال لديك بعض شعور بالتهذيب. سوف نتفق. لا اريد مساعدة.
لكنك تذهبين في الاتجاه الخاطئ.
ثم اشرت:
انه هناك خلف هذه القمم هو ما يجب ان تذهبين اليه. لن يكون هناك مشقة على الاطلاق في صعود التلال.
الا تفهم. ليس التعب هو ما اخشاه.
اذن ما المسالة؟
الا تفهم حقا؟ هل تفترض انني سأذهب الى هناك هكذا بين كل هؤلاء الناس؟
لم لا؟
لم اكن لاني على الاطلاق لو علمت انكم جميعا سوف ترتدون هذه الملابس.
يا صديقتي الا ترين انني لا ارتدي الا ملابس عادية.
لا يمكن. ملابسكم ناصعة البياض حتى انها تغشي عيني. اذهب بعيدا فحسب، فانني لا اقوى على السير.
لكن الا يمكن ان تخبريني. لماذا تهربين؟
اذا كنت لا تفهم من ذاتك، لن يكون هناك فائدة من الشرح لك. كيف يمكنني الوجود هكذا بين هؤلاء الناس. انه لاسوأ بكثير من الخروج عارية وجعل الناس يحدقون بي.
اوه فهمت. انت تشعرين بالعري.
واستطرد:
لكننا كنا جميعا ارواح حين وصلنا الى هنا. وهذه الملابس هي ما سوف ترتدينه فيما بعد. هيا اخرجي وجربي.
لكنهم سوف يرونني.
ما الذي يهم ان رأوك؟
افضل الموت على ذلك.
انك بالفعل ميتة.
اصدرت الشبح تنهدا واعقبها زمجرة حانقة:
اتمنى لو لم اولد ابدا. قل لي، ما الذي ولدنا لاجله؟
ولدنا من اجل السعادة اللانهائية.
وبلهجة متوسلة قالت:
هيا اخرجني.
انها مجرد ساعة من الخجل ولكنك ستضحكين الابدية كلها. الا تتذكرين عندما كنت على الارض كانت ثمة اشياء ساخنة لا يمكننا الامساك بها باصابعنا ولكن كان يمكن ان تشربيها عندما نمونا؟ سوف تشربين الكأس حتى نهايته فستجدينه مغذيا ولسوف تختفي مرارته. في فمك سيكون علقما لكن في جوفك سيصير شهدا بل وافضل.
انت تعني هذا حقا؟
كان تشوقي قد ارهقني. وشعرت ان مصيري قد علق على ردها للدرجة التي كان يمكن ان اركع عند قدميها واتوسل لها ان تستسلم.
نعم قالت الشبح.
اعتقدت ان الشبح قد اقتنعت. لكنها تحركت فجأة وصرخت:
كلا لا استطيع.
يا صديقتي، هل يمكن ان تفكري للحظة في شئ اخر غير نفسك.
يا الله!
يا الله. ماذا؟
عندما كنت ترسم على الارض كان ذلك لانك تلقيت لمحات من السماء في مشهد ارضي. كان نجاح رسوماتك هو انك مكنت الاخرين من رؤية هذه اللمحات ايضا. ولكن هنا لديك الاشياء ذاتها. ما من رسالة. ليس هناك فائدة لاننا نراها بالفعل حقيقة وليست صورة. في الحقيقة نحن نراها بشكل افضل مما تراها انت.
ما من فائدة في الرسم؟
عملك هو ان تشاهد فقط في الوقت الحالي. تعال وشاهد.
قال الشبح الفنان متململا:
متى تعتقد ان بامكاني ان ابدا الرسم.
انفجر الروح في الضحك.
اهذا كل ما تفكر به؟
الامر كله فخا. الحبر والطلاء والموسيقى..الا من كان بارا فانه يتحول عن حب لاشياء التي يخبر عنها الى حب ان يحكي عن نفسه.
ما من احد يحب ان يحكي عن نفسه الا ان كان انانيا بافراط. ان نحدث بعظيم اعمال الله خير من ان نمدح انفسنا.
عظيم اعمال الله؟ يا للتقوى!
نعم، والاحرى ان نقول، عظيم هو الله. فالتأمل في صفاته تبارك اسمه هو اعظم بما لا يقارن من الثناء على اعماله. حتى في الجحيم لا يهتمون بالله على الاطلاق ولكن يهتمون فقط بما يحكون عنه.
كيف تعرف ذلك؟
الهراطقة كانوا يحكون عنه. أريوس قال: لملء الفجوة بين الله والخليقة نحتاج إلى كائن وسيط..
أثناسيوس رد عليه: لا نحتاج لكائن وسيط؛ لأن الله محب للبشر “.
أريوس: تنازل الابن يعني بالضرورة أنه أدنى من الآب.
أثناسيوس: تنازل الابن استعلان لمحبة الله للبشر” .
أريوس: يد الله ثقيلة.. ولأنه منزه جدًا لا يستطيع التعامل مع الخليقة مباشرة، فلذلك خلق الابن من أجل أعماله.
أثناسيوس: لو كان الابن مخلوقًا لما استطاع تحمُّل يد الله الثقيلة (لأنه مخلوق في النهاية)، ولو تحمَّل يد الله الثقيلة مع كونه مخلوقًا، إذن يمكن لكل المخلوقات أن تتحملها.
أريوس: الضعفات التي ذكرت عن الابن تضعه في دائرة المخلوقات.
أثناسيوس: هذه النقائص تختص بناسوته الذي أخذه بالتدبير لأجل خلاصنا. كما أن ألقابه الأخرى (مثل الصورة، القوة، والحكمة..) تضعه في دائرة الألوهية.
أريوس: المعمودية بالآب والابن والروح القدس، لا تعني بالضرورة مساوة في الجوهر بين الثلاثة أقانيم.
أثناسيوس: لو كان الابن والروح مخلوقين (من العدم) فكيف يقدران على أن يعكسا مسار البشرية الذي اتجه نحو العدم بالسقوط.. فاقد الشيء لا يعطيه!
فاقد الشئ لا يعطيه. اه لو كنت غفرت لزوجي؟ بالطبع لقد غفرت له كمسيحية لكن كامراة هناك اشياء لا يمكن لاية امراة ان تنساها ابدا.. الخيانة شئ صعب. لم يكن لديه ادنى شارة من الطموح. كان الامر اشبه برفع كيس من الفحم. كان على ازعاجه دائما للقيام بشئ ايجابي. يا لكسل الرجال.
هيلدا، .. جاء الصوت من بعيد.
فجاة استطالت الشبح مثل لهب شمعة ثم خبت. وظلت رائحة دخن في الهواء للحظة ثم تلاشت.
(نقلا بتصرف عن رواية: الطلاق العظيم. س . س. لويس